بقلم / أ. شادي طلعت .. أمل النجاة لغرقى في المحيط

هل دائمآ ما تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ، ألا تأتي مرة بما تشتهي السفن و إذا ما أتت بما تشتهي السفن فلماذا تسارع بضربات متتالية لا تشتيها السفن !
هل حكم على السفينة بالغرق ، هل حكم على ركابها بالموت ، و لماذا لا تسير السفينة بما ترتضي به الرياح ؟ هل لأن السفينة تعلم أن الرياح لا تريد إرضاءها حتى و إن طاوعتها ؟ أم لأن السفينة بلا قبطان ؟ أم لأن السفينة لها أكثر من قبطان ؟ أم لكل تلك الأسباب لن ترضى السفينة بما تفرضه عليها الرياح ؟
إن المتابع لأحوال مصر جيدآ يجب أن يقف عند أمور معينة أمور هامة تستوقفه إن كان حقآ متابعآ جيدآ لها ، فمن يتابع أحوال مصر لا بد له أن يقف عند أمر هام و يسأل سؤالآ " هل من بيدهم مقاليد الأمور بحكم البلاد أهل لهذا الأمر أم أنهم غير أهل له ؟
إن المسرحية ذات الإخراج الفاشل و التي حدثت بمجلس الشعب المصري أثناء تمرير إعلان فرض حالة الطوارئ لعامين مقبلين يجب أن يصاب كل من شاهدها بقرحة معدية ، أو بصداع مزمن ، أو يشعر بآلام لا يعلم أسباب لها ، فما هذا الذي حدث ما كل هذا النفاق في هذا المجلس ما هذا المدح و الثناء على رئيس الجمهورية ، و هل طلب رئيس الجمهورية منهم أن يمدحوه أو يثنوا عليه ؟ في الوقت الذي نعلم أنه غير متفرغ أصلآ لمعرفة أسماءهم حتى ! ما هذه الأشكال التي حظيت بإختيار الشعب لتمثلها في مجلسه ، ألا يفلحون في شئ آخر غير التصفيق و الموافقة ألا يبحثون في أحوال بلادهم و يشعرون لو قليلآ بما يعانيه هذا الشعب المريض في كل شئ .
إن أكثر أعضاء المجلس عجبآ فعلآ هو "رجب حميدة" هذا الرجل الذي كان يتبع حزب الغد أيام وجود أيمن نور و كان أكثر المنتقدين للرئيس مبارك ، و اليوم يتبع حزب الغد مع وجود موسى مصطفى موسى ، و إذ به يمدح و يثني على الرئيس ! إنقلاب من النقيض إلى النقيض دون أبداء أسباب للتغيير و دون مبررات يخدعنا حتى بها .
ثم أين أعضاء الإخوان المسلمون لماذا هذه الإستكانة و الضعف و الهوان ، هل لأنهم في موقف ضعيف أم لأنهم أيضآ قد عقدوا صفقة مع الحكومة !
لا يفوتني أن أسجل إحترامي للنائب المحترم " حمدين الصباحي "
و لكن اين الشعب ؟
ماذا حدث للناس هل اكتفوا بقراءة الصحف و أصبحت مقالات ابراهيم عيسى تثلج صدورهم و هم واقفون ! هل اكتفى الناس بإتباع قلة منهم إلى أفكار و تيارات مختلفة تعمل كل منها في اتجاه دون الأخرى بينما و قفت الأغلبية صامتة مشاهدة ! إن المسؤلية لن تذهب بعيدآ عن الناس فهم من ذهبوا و صوتوا لإختيار تلك الوجوه بمجلسها ، إني كلما تذكرت جلسات هذا المجلس تصيبني حالة من الغثيان ، حالة من الإحباط ، و أتسائل الهذه الدرجة وصلت إختياراتنا ألا يفكر هؤلا للحظة فيما يخرج من أفواههم الكريهة ، كيف لهم أن يمدحوا في قانون الطوارئ في الوقت الذي قال عنه رئيس الوزراء أنه كره لنا !
و على الجانب الآخر نجد حكومة عاجزة عن إدارة الأزمات ، فكيف لها أن تدير أمور و شؤون دولة ! و هي عاجزة عن تقديم تبريرات لفرض حالة الطوارئ عاجزة حتى أن تضع السم في العسل ، اليس فيها من يضع التبريرات حتى و إن كانت كلها مغالطات ؟ أم أن وجهها أصبح مكشوفآ ، أم أنها حقآ لا تأبه بما يقال أو يثار ؟ إن أحد الأمرين أو كلاهما مصيبة و الخاسر الوحيد من مصائب الحكومة هو الشعب .
أعلم جيدآ أن هناك أخطار قد تهدد أمن الدولة من بعض الجماعات الإسلامية ، و أعلم أنه لا زال بين بعض الجماعات و وزارة الداخلية عدم توافق مما قد يؤدي إلى مناداة وزارة الداخلية بفرض حالة الطوارئ ، و لكني أقول لهذه الحكومة و التي قال رئيسها أن قانون الطوارئ كره لنا ، ألا تفكرون في الخروج من المأزق بأحد حلول عده ترضي كافة الأطراف ألا يوجد منكم من يستطيع التفكير أم أن عقولكم قد أصابها الشلل ، لماذا لا تفرض حالة الطوارئ في مناطق معينة أو لماذا لا تفرض إلا على فئة معينة أو ... الخ إن الحلول كثيرة ، و من غير المعقول مساواة من يعملون بمن لا يعملون .
كما أن حالة الثبات الأمني و الذي حدث منذ أن تولى السيد "حبيب العادلي " وزارة الداخلية لا تعود إلى بذل مزيد من الجهد الأمني أو إلى زيادة الحراسات في الشوارع ، و إنما تعود إلى المراجعات التي حدثت مع بعض الجماعات و الى أخذ مبدأ السياسة في التعامل مع هذه الجماعات و التي كانت مفقودة أيام وزراء الداخلية اللذين تولو المسؤلية قبل عام 1997 أي أن وزارة الداخلية لو أرادت التوصل إلى حلول أخرى بدلآ من فرض حالة الطوارئ ستجد .
أو بمعنى آخر لو أراد النظام الأمن فعلآ لهذه البلاد فلن يكون إلا بالديمقراطية الكاملة لا ديمقراطية بالقطارة ، إن أسلوب الحوار مع الجماعات كان له نتائجه الإيجابية فلماذا لا يقام حوار مع كل من تحوم حولهم الهواجس لماذا لا نضع وثيقة بها مواد عقابية لمن يخالف الإتفاق و بها مواد تحفظ حقوق أطراف الإتفاق ، و نتفق على أن نحترم القانون و أن نكون سواسية أمام القانون ، ماذا لو قررنا أن يطبق القانون على الكبير قبل أن يطبق على الصغير ، أتعلمون يا حكومة نظيف ماذا سيحدث
" لن نكون بحاجة إلى فرض حالة الطوارئ " فالحل في النهاية هو " الديمقراطية الكاملة "